ورقات من نضال الشعب الليبي ضد الطاغية
أجرى الحوار : عدنان الحسناوى
ملحمة الكفاح ضد الديكتاتور القذافي ضاربة في عمق التاريخ و ميلادها بدأ من اللحظة الأولى من وصول الملازم الأول المستبد القاتل للشعب الليبي للحكم عبر الانقلاب العسكري . في إحدى فنادق العاصمة التونسية شد انتباهي ليبي بصدد الحديث بالهاتف كانت تبدو عليه السعادة و الوقار سألته : هل تم القبض على (الجرذافي ) فقال لا , لكننا في عيدين , عيد نصر الشعب الليبي و عيد الفطر المبارك و الله الحمد . الرجل كانت تبدو عليه ملامح الشخصية القيادية و الأمر الذي جعلني أواصل الحديث معه و أتوجه له بالسؤال التالي: هل أنت من المنشقين , أبتسم وقال لا , وهل لمعارض و سجين سياسي أن ينشق , لقد أمضيت 7 سنوات في السجن و خرجت منه في سنة 1987 لأجد نفسي في سجن أكبر و قد خسرت عملي في وزارة الخارجية الليبية . شغفي كصحفي و ناشط حقوقي دفعني للقيام بهذا الحوار مع السيد أحمد الشروي بن طالب المناضل و السجين السياسي السابق في قضية رابطة شمال إفريقية
س : هل لكم أن تحدثنا عن فترة سجنك من طرف نظام الطاغية ؟
ج : كنت أعد في رسالة الماجستير في الولايات المتحدة الأمريكية حين طلب القذافي مني و الطلبة المقيمين بأمريكا العودة إلى ليبيا و ذلك تحت عنوان تحسين وضعنا الإجتماعي , لم أكن مقتنعا بالعودة لأني كنت على وشك ختم رسالة الماجستير لكن عدت و لم أكن أيضا أعلم أن أخي على الشروي بن طالب – و الذي حكم عليه بالصفية الجسدية – تم سجنه في القضية المشهورة لرابطة شمال إفريقية . وبعد عودتي تم انتدابي للعمل في وزارة الخارجية الليبية و بعد أربعة شهور زج بي في السجن بعد أن تم إيقافي بدعوة استجوابي لبعض الدقائق عن دراستي في أمريكا .
س : هل تعرضتم إلى التعذيب و كيف كانت المحاكمة و حياتك داخل السجن و بعد الخروج منه ؟
ج : لقد تعرضت إلى تعذيب مزدوج الأول ضدي و الآخر من أجل تحطيم معنويات أخي على , لشهور عرفت مختلف أشكال التعذيب الجسدي و المعاملة اللاإنسانية التي تعد جرائم تعذيب وفقا للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب . أما على “الحياة ” داخل السجن تكفي الإشارة أني كنت وعلى مدى السبعة سنوات أعيش فقط على رغيف خبر واحد في اليوم , و سجنت لأربعة سنوات في الحبس الانفرادي. أما المحاكمة فلقد خرجت من السجن بدون حكم قضائي بل بأمر من القذافي . و مدنا بوثيقة من المحكمة الثورية الدائمة تفيد أنه كان موقوف على ذمتها ل7 سنوات )
و قال أنه في اليوم الذي تم إطلاق سراحه كان يظن انه يوم إعدامه عقب سوء المعاملة التي تلقاها و التي هي نفسها التي يعامل بها المحمول لتصفيته جسديا , كانت السلاسل بيده و قطعة من القماش سوداء على عينه حافي القدمين لا يعلم أين هو بعد إخراجه من الزنزانة و التوجه به إلى مكان ما …لم يعلم أنه سيخرج إلا حين قال له أحد الأعوان : الأخ القائد أمر بإطلاق سراحك ماذا تقول فرد السيد احمد : الحمد الله فقال له ثانية و ثالثة نفس السؤال فكان منه نفس الجواب حينها قال عون آخر لزميله لن ينطق بما تريد , الأخ القائد أمر بإطلاق سراحه وعلينا التنفيذ . و بعد ذلك سأله ماذا كنت تعمل ؟ فأجابه في وزارة الخارجية , فقال له لم تشكر القائد لن تعمل في أي وظيفة جماهيرية و ستبقى تحت المراقبة و الإقامة الجبرية و ضحك العون الثاني وقال له لن تكون سفير ليبيا بأمريكا
و أسجل أنه و في عدة مرات من الحوار يتوجه بالشكر للشعب التونسي وقال : ” القذافي فرق بين الأب و أبنه و الأخ و أخيه فكيف لا يفرق بين الشعبين الشقيقين اللذان يجمع بينهما التاريخ و الجغرافيا و المستقبل المشترك في الحرية و التقدم ؟ ” و قال “هذه المحنة كشفت للشعبين أنهما أكثر من إخوة “.
من مدونة: مستقبل الحرية بتونس